Talal Dhaybi
المدارس التقلدية في ولاية طرابلس الشام
الدولة العثمانية ، دولة غير مسبوقة لا في الحروب و لا في السياسية و لا في الجغرافيا ، ولكن إذا ما عدنا لتاريخنا المعاصر ، أو حاضر الأمة لوجدنا أن مدخل التهجم عليها هو وصفها بدولة التخلف و الجهل ، من حيث أنها قادت جموع العرب للأمية عن قصد دون تعليمهم ، وهذا بالطبع قول باطل بالعودة لمصادر التاريخ العثماني من "وثائق نظارة المعارف" وهو الأرشيف المخصص لوزارة التعليم في العهد العثماني ، أو سالنامات ولاية بيروت وهي أشبه بالجريدة الرسمية في أيامنا ، وتختزن أعدادها إحصاءات مهمة عن النظام التعليمي، كما و سالنامة نظارة المعارف و التي ضمت إحصاءات و قرارات على مستوى التعليم في سائر الولايات.

وقد كانت طرابلس بوصفها ولاية عثمانية ، ومن ثم سنجق يتبع لولاية دمشق و من ثم ولاية بيروت ، على الخارطة التعليمية بالطبع ، ولذلك و بالرجوع للمصادر الأساسية سنعمل في مقالنا هذا و عدة مقالات لاحقة على تفنيد المدارس التي إما استخدمها العثمانيون و طوروا عملها ، أو قاموا هم بإنشائها.
وقد تعددت المدارس في العهد العثماني ، فهناك المدارس التقليدية التي لم تعمل برعاية مباشرة من الدولة العلية ، وهي إسلامية و مسيحية و يهودية . وهناك المدارس الحكومية والتي أنشأت على نفقة الحكومة العثمانية وبالطبع المدارس الأجنبية و الإرساليات، ونظراﹰ لكثافة العدد سنعمل في هذه المقالة الأولى على تفنيد المدارس التقليدية مع ذكر المصادر بالطبع ، وعلى ذكر إحصاءات و معلومات تعود للعام 1902 و على الشكل التالي:
1. مدرسة طينال بحي الحدادين بمدينة طرابلس الشام: أسسها باني المدرسة طينال ، مدرسها حسين الجسر و عدد طلابها 10.
2. مدرسة الرجيبة بحي الحدادين بمدينة طرابلس الشام: أسسها الشيخ رجب أفندي ، مدرسها حسين الجسر و عدد طلابها 15.
3. المدرسة السقرقية بحي الحدادين بمدينة طرابلس الشام: مدرسها مجيد المغربي و عدد طلابها 10.
4. المدرسة الشمسية بحي النوري بمدينة طرابلس الشام: أسسها الشيخ شمس الدين مولوي ، مدرسها الشيخ خليل صادق و عدد طلابها 17.
5. مدرسة الدويسية في باب الحديد بمدينة طرابلس الشام: أسسها باني جامع الدويسية ، مدرسها الشيخ حامد و عدد طلابها 2
6. مدرسة الحامدية في تربيعة بمدينة طرابلس الشام: أسسها باني جامع العطار ، مدرسها الشيخ نجيب أفندي و عدد طلابها 2.
7. مدرسة الحباك في منطقة تحت القلعة بمدينة طرابلس الشام: أسسها ناجي أفندي ، ومدرسها أمين عز الدين أفندي ، عدد طلابها 10.
8. مدرسة السوسية في ملاحة بمدينة طرابلس الشام: أسسها الشيخ السوسي ، مدرسها الشيخ محمود أفندي و عدد طلابها 6
9. مدرسة مرصبية في سويقة بمدينة طرابلس الشام: مؤسسها غير معروف ، مدرسها الشيخ محمد و عدد طلابها 4.
10. مدرسة دبا في سوق الصاغة بمدينة طرابلس الشام: أسسها الشيخ عبد الله أفندي ، لم يرد إسم مدرسها وعدد طلابها.
11. مدرسة في قضاء عكار التابع لمدينة طرابلس الشام : أشارت إليها سالنامة ولاية بيروت في العام 1902 ولكن لم يرد اسمها.
هذا عن المدارس التقليدية أو التي عرفت بلهجتنا المحلية بالكتاتيب ، واللافت أن العثمانيين قد استعملوا مدارس المماليك ، واللافت أكثر أن السالنامات قد عددت 12 مدرسة تقليدية للعام 1902 في ولاية بيروت ، 2 في مركز الولاية أي بيروت و 10 في طرابلس الشام ، مما يدل على حركة علمية و دور عظيم لعبته طرابلس قبل بيروت بقرون من الزمن ، وكنت قد راعيت نقل المعلومات من المصدر مع الأخطاء توخياﹰ للموضوعية ، فالمدرسة الرجيبة هي المدرسة الرجبية و المدرسة الدويسية هي اليوم مسجد الأويسية ، ومدرسة الدبا هي مدرسة الدبهاء اليوم .
ولكن ماذا عن وضع هذه المدارس اليوم ؟ وهل بقيت رسالة التعليم التي أنشأت لأجلها هذه المدارس؟ من المعلوم أن معظمها توقف عن العمل ، فإما هي مغلقة بالكامل وبحاجة للترميم ، أو أنها تحولت لمصليات.فتصوروا أن يعاد افتتاحها لتدريس الطلبة المحتاجين لساعات دعم إضافي ، أو تكون مراكز لنوادي شبابية أو مراكز تعليم لمهارات حياتية ، وبالتالي نكون قد أعدنا لهذه المباني التراثية الغارقة في مستنقع النسيان رونق الماضي الجميل و بهجة الحاضر ، فمن يهب لنجدة التراث قبل زواله؟
المصدر ( سالنامة نظارة المعارف العمومية لعام 1321 هجري ، ص 423)(سالنامة ولاية بيروت لعام 1326 هجري ، ص 321).